من منكم يذكر الإعلان الذي قامت به شركة غوغل في يناير عام 2020، والذي أعلنت فيه نيتها التخلي بحلول عام 2022 عن ملفات تعريف الارتباط الخاصة بالجهات الخارجية من متصفح Chrome، بمعنى آخر الملفات التي تُستخدم في تتبع المستخدمين على الإنترنت والتعرف على سلوكهم.

يومها، أثار هذا الإعلان قلقاً كبيراً في عالم صناعة الإعلانات وقوبل بانتقادات كبيرة من المشرّعين والمنظّمين ومن قبل العديد من المجموعات الأخرى التي تُعنى بالخصوصية على الإنترنت. وفي جديد الموضوع، أعلنت غوغل مؤخراً عن تأجيل حذف ملفات تعريف الارتباط الخاصة بالجهات الخارجية من كروم إلى نهاية عام 2023 على الأقل، أي بعد أكثر من عام من الموعد المحدد سابقاً.

 

نظام جديد!

قضية استخدام التكنولوجيا التي تتعقب نشاط المستخدمين عبر الانترنت كانت موضع تساؤل في مناسبات متعددة، ولكن خطط غوغل الأولية لإنهائها أثارت قدراً كبيراً من القلق.

فلقد أشارت مجموعات تُعنى بالخصوصية على الإنترنت إلى أن الأداة التي اقترحتها الشركة كبديل لملفات تعريف الارتباط هو نظام يسمى Federated Learning of Cohorts أو FLoC. يعمل النظام الجديد على تجميع المستخدمين بناءً على سلوكيات التصفح المماثلة والمشتركة، مما يعني أنه سيتم استخدام “معرفات المجموعة” بدل معرفات المستخدم الفردية.

ومع ذلك، تلقى النظام الجديد عدداً من الانتقادات. فلقد أشارت بعض الجمعيات إلى أن طريقة إعداده تمنح غوغل حصة أكبر من سوق الإعلان الرقمي، وهو قطاع تتمتع فيه الشركة فعلاً بأكبر قدر من التحكم، أكثر من أي شركة أخرى متعددة الجنسيات على كوكب الأرض.

من جهة أخرى، رفض بعض الناشرين على الويب اختبار هذه الأداة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، هدد العديد من المنظمين في المملكة المتحدة بضرورة منع المبادرة بأكملها، زاعمين أن التغييرات المقترحة من Google ستخنق المنافسة وستزيل الأرباح من أيدي الناشرين.

 

خطة للحد من تتبع المستخدمين على الانترنت

ساعدت ملفات تعريف الارتباط الإعلانية في إنشاء صناعة ضخمة ومعقدة بقيادة غوغل، لكن خطط التعقب واجهت تحديات كبيرة بسبب موجة من القوانين التنظيمية وتغييرات الخصوصية.

فلقد قامت شركة Apple Inc. بإزالة ملفات تعريف الارتباط الخاصة بالجهات الخارجية من متصفح Safari الخاص بها، وأجبرت جهات التسويق على الحصول على إذن المستهلك قبل بدء التتبع. في الوقت نفسه، تحركت غوغل بحذر أكبر، واضعة في اعتبارها الحجم الهائل لأعمالها الإعلانية الخاصة، فضلاً عن موجة عدم الثقة التي تواجهها والتدقيق المتزايد لمكافحة الاحتكار.

وأوضح عملاق التكنولوجيا Google أنه أطلق مبادرة Privacy Sandbox بهدف إيجاد حل يحمي خصوصية المستخدمين من جهة ويسمح بإتاحة المحتوى بشكل مجاني على مواقع الويب المفتوحة من جهة أخرى. لهذا السبب صرحت الشركة أن هذا التأخير لمدة عامين يهدف إلى منح صناعة الإعلان الرقمي والناشرين على الويب والمنظمين الوقت الكافي للتأقلم والارتياح مع تقنيتها الجديدة.

بدوره، كتب فيناي جويل، مدير هندسة الخصوصية في متصفح Chrome، في مدونة الشركة: “على الرغم من إحراز تقدم كبير في هذه المبادرة، إلا أنه بات من الواضح أننا بحاجة إلى مزيد من الوقت لإتمام الموضوع بشكل صحيح. نحن بحاجة إلى التحرك بوتيرة مسؤولة. سيتيح ذلك وقتاً كافياً للمناقشة العامة بشأن الحلول الصحيحة، ودعم المشاركة المستمرة مع المنظمين، والوقت الكافي للناشرين على الويب ولصناعة الإعلان الرقمي على تعديل الخدمات والتأقلم بشكل أفضل”.

وأكد جويل أن Google ستنفذ إزالة ملفات تعريف الارتباط على مرحلتين: فترة تجريبية لمدة تسعة أشهر للناشرين على الويب والمطورين والمعلنين بدءاً من أواخر عام 2022، ثم فترة ثلاثة أشهر أخيرة في عام 2023.