أنا شخصياً واحد من ضحايا الاحتيال الذي يحدث عبر الإعلانات التي نتلقاها على الهواتف المحمولة. لطالما مثّل هذا الأمر تحدياً لمشغلي الشبكات في جميع أنحاء العالم، ولكن الحلول شبه غائبة. وفي زمن تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، أصبح المستخدمون أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى بسبب الوقت الهائل الذي يقضونه أمام أجهزتهم جراء التزام المنازل.

يمكن القول إن الأشهر الثمانية عشر الماضية كانت الأكثر اضطراباً على الإطلاق في عالم صناعة الهواتف المحمولة. فلقد قضى أغلب الأشخاص حول العالم معظم عام 2020 في ظل نوع من الإغلاق التام، مقابل تصاعد الضغط على مشغلي الهواتف المحمولة وشبكة الانترنت لإبقاء الجميع على اتصال بالعالم الخارجي، ومع بعضهم البعض.

كان هذا الضغط أكثر حدة في الأسواق الناشئة مثل جنوب إفريقيا والبرازيل وإندونيسيا حيث يعتمد المستخدمون بشكل حصري تقريباً على هواتفهم المحمولة للتفاعل مع عالم الإنترنت. ربما لهذا السبب، وفقاً لتقرير جديد نشرته Upstream، يتوقع خبراء الأمن أن تكون هذه المناطق بؤرة خصبة لتفشي وباء البرامج الضارة التي تصيب أجهزة الجوّال.

في سياق متصل، يبدو أن الاحتيال في إعلانات الهاتف المحمول بات يزداد بشكل تصاعدي. حيث تتفاقم هذه الثغرة الأمنية في البلدان التي تكون فيها الهواتف المحمولة هي الأداة الأساسية للوصول إلى الموارد التعليمية والخدمات الحكومية والبث الإخباري والترفيه والتسوق وغيره.

وبالنسبة للعديد من هذه الأسواق، فإن ائتمان البيانات يشبه العملة، أي يمكن للمهاجمين الوصول بسهولة إلى معلومات الأشخاص الذين يستخدمون بياناتهم لشراء السلع والخدمات عبر الانترنت، ومن خلال الفوترة المباشرة لشركات النقل.

جميع الجهات الفاعلة السيئة تدرك هذا الأمر جيداً، ونتيجة لذلك شهدت هذه الأسواق ارتفاعاً في نشاط البرامج الضارة واستمرار تطورها.

 

ارتفاع أنشطة البرامج الضارة وازدياد الاحتيال

منصة Secure-D، الخاصة بمكافحة الاحتيال والتابعة لشركة Upstream، تعمل حالياً مع 35 مشغلاً في 23 سوقاً ناشئة لحظر التطبيقات الاحتيالية والتعرف عليها والحفاظ على أمان المستخدمين.

وكجزء من جهودها المستمرة للحد من البرامج الضارة وزيادة الوعي بالتهديدات الجديدة والمتطورة، أصدرت Secure-D تقريراً متعمقاً لعام 2021 بعنوان A Pandemic On Mobile: Mobile Ad Fraud & Malware والذي كشف عن بعض الرؤى الحيوية والمفاجئة. يتعمق التقرير في كيفية تطور الاحتيال في الإعلانات والبرامج الضارة في زمن وباء فيروس كورونا، وغالباً ما يستهدف بشكل غير مقصود المناطق النامية.

تستند البيانات الواردة في التقرير إلى 840 مليون مشترك في خدمة الهاتف المحمول في جميع أنحاء العالم. ومن أكثر النتائج المذهلة التي تم التوصل إليها أن 95% من جميع المعاملات التي جرت عبر الهاتف المحمول أثناء الوباء، تم حظرها وتصنيفها على أنها احتيالية.

تنشأ هذه المعاملات من تطبيقات احتيالية تتظاهر بأنها شرعية، وغالباً ما تشتري اشتراكات مميزة أو محتوى آخر في الخلفية من دون معرفة المستخدم أو موافقته المباشرة. وبطبيعة الحال، سيؤدي ذلك إلى عدد كبير جداً من الشكاوى وطلبات الاسترداد إذا لم يتم تحديد المعاملات السيئة مسبقاً ومنعها من المصدر.

وفقًا للتقرير، المتاح الآن مجاناً، تم تداول أكثر من 45000 تطبيق ضار في هذه الأسواق الناشئة في زمن الوباء. فيما يستخدم العديد منها أساليب متطورة وجديدة للوصول إلى هواتف الأشخاص وإطلاق معاملات احتيالية. وللمرة الاولى على الإطلاق، كانت ألعاب الهاتف المحمول هي فئة التطبيقات الأكثر استهدافاً. ولكن ذلك لا يعني أن التطبيقات الضارة لم تتخذ شكل العديد من التطبيقات والأدوات الإنتاجية الأخرى، من محرري الفيديو إلى تطبيقات الأخبار المزيفة وغيره الكثير.

كان التطبيق الأكثر إثارة للريبة هو “com.android.fmradio”، وهو تطبيق لمشغل الراديو كان مسؤولاً بمفرده عن 99.8 مليون معاملة احتيالية، تم اكتشافها جميعاً وحظرها بواسطة Secure-D. تم تنزيل التطبيق بواسطة 356،270 جهازاً في جميع أنحاء العالم، ولحسن الحظ لم يعد هذا التطبيق متاحاً على متجر Google Play بعد اكتشاف أنه مزيف وخبيث.