استنادًا إلى ما تعلمناه في الفصل السابق، ما إن نتمكن من فهم كيفية تعامل الأفراد وفرق العمل مع الإجهاد والتهديدات بشكلٍ أفضل، يمكننا إدخال ممارسات سليمة إلى مجموعاتنا ومنظماتنا بهدف منع أي مشاكل شائعة قد نرصدها وسبل التعامل معها. ولكن، قد تواجهنا عقبات تمنعنا من مناقشة مسألة الأمن بشكلٍ صريح ضمن منظماتنا، منها على سبيل الذكر لا الحصر، عبء العمل الكبير والخوف والتخوف من أن يساء تفسير ملاحظاتنا على أنها ريبة مرضية أو مشاكل مرتبطة بالنوع الاجتماعي وتفاعلات وعلاقات القوة بين أعضاء المجموعة.

يساعدنا العمل على إنشاء بيئة تحكمها الثقة، ووضع مواعيد مراجعة دورية للأمن، وإنشاء ثقافة تواصل سليمة بين الأشخاص في:

·     تحديد التهديدات التي تطال أمننا بدقة أكبر

·     معرفة أسباب تفاعل الفريق بشكلٍ متفاوت مع الإجهاد أو التهديدات

·     توزيع الأدوار والمسؤوليات بالنسبة للإجراءات الأمنية

·     رفع مستوى إحساس المجموعة بالمسؤولية تجاه الإجراءات الأمنية

·     رفع مستوى التضامن مع الزملاء المعرضين لتهديدات وتقديم الرعاية لهم

وفي ما يلي شرح لكل تكتيك من هذه التكتيكات بشكلٍ مفصل:

بناء جسور الثقة ضمن الفريق

حين نثق بالأشخاص الذين نعمل معهم، تصبح عملية تطبيق الإجراءات الأمنية أسهل بكثير ونصبح أكثر استعدادًا لمشاركة المخاوف والتجارب وحتى الأخطاء مع الآخرين. تتعدد الوسائل المتاحة لبناء الثقة. وهي تختلف أيضًا من منظمة  إلى أخرى. يمكنكم البدء بالتعرّف على بعضكم البعض خارج نطاق العمل والتحقق من رفاه الفريق ومستويات الإجهاد لديه بشكلٍ دوري. والتحقق مما إذا كانت حياتهم الشخصية تؤثر على عملهم أم لا (أو العكس). تعتبر الشفافية حيال هرمية السلطة، وهيكليات صنع القرار، واعتماد بروتوكولات واضحة خاصة بكيفية التعامل مع المسائل الشخصية أو الحساسة، من الخطوات المفيدة أيضًا, إلى جانب تواجد مرشد أو خبير نفسي موثوق به في المؤسسة.

عملية بناء جسور الثقة ضمن الفريق ليست مهمة سهلة، فهي تتطلب بذل الجهود اللازمة والمخاطرة أحيانًا، نظرًا لاحتمال التعرض لاختراقات كما ذكر آنفًا. ولكن، قد يحفزنا ذلك على العمل والوثوق في استراتيجياتنا الموضوعة لإدارة المعلومات الحساسة. يتطلب توفر بيئة تحكمها الثقة أن يكون الجميع قادرًا على الانتقاد و للنقد البنّاء وإعطاء الملاحظات وتلقيها، وسنتوسع في هذه المسألة في القسم الخاص بالتواصل بين الأشخاص الوارد أدناه.

التشجيع على عقد جلسات نقاش دورية ومنظمة حول مسألة الأمن

لا بد من إنشاء مساحات آمنة ومنتظمة للتحدث عن الجوانب المختلفة للأمن. سيساعدنا ذلك في اعتبار الأمن مسألة مهمة وموضوع نقاش حقيقي وفي الشعور بالراحة حيال التطرق للمخاوف. في حال كانت المجموعة تعقد جلسات دورية للفريق، فهذا يعني أنه من الممكن استخدامها من أجل مشاركة التغييرات المحتملة على الوضع الأمني (وفقًا لما تم شرحه في القسم الثاني).

يجب أيضًا توفير المساحة اللازمة للنظر في مسألة الأمن خلال جلسات التخطيط الإستراتيجي والإعداد لكل مشروع أو نشاط. بهذه الطريقة، تصبح مسألة الأمن مسألة تفكر فيها المجموعة بشكلٍ دوري وبالتالي تصبح جزءًا لا يتجزأ من عملنا، ولا يمكن اعتبارها مسألة منفصلة يتولى أمرها شخص آخر. في حالات الخطر القصوى، يفضل أن تتم زيادة عدد علميات التحقق خلال الاجتماعات وبعدها وتشجيع الأعضاء على التحدث عن الأمن.

فكروا في الطريقة والتوقيت التي تختار فيه مجموعتكم أو منظمتكم التحدث عن الأمن عبر القيام بالتمرين التالي.

إنشاء بيئة سليمة للتواصل بين الأشخاص

مسألة التحدث عن الأمن خطوة صعبة حتى حين نقر وندرك أهميتها. تعتبر مسألة الأمن مسألة شخصية إلى حدٍ كبير. وقد نشعر بأننا نناقش نقاط ضعفنا بغض النظر عن ماهيتها. علينا أن نحرص أن يشعر الجميع بالأمان والاحترام. وعلينا تفادي سوء التفاهمات أو النزاعات.

في ما يلي نقدم لكم بعض العوامل المؤثرة على التواصل بشأن الأمن، ضمن المجموعات والمنظمات التي يجب أخذها بعين الاعتبار.

البيئة السائدة بشأن الأمن: ما هي العقلية (التنظيمية) السائدة بشأن الأمن؟ هل الوقت المخصص للتحدّث عن الأمن يعطى الاهتمام المناسب كالأوقات المخصصة لمناقشة الأمور الأخرى؟ هل يتحدث أعضاء المجموعة بعدم مبالاة عند مناقشة مسائل متعلقة بالأمن؟ هل نحن مهتمون فعليًا ومعنيون شخصيًا حين يقوم زملاؤنا بمعالجة مخاوفهم؟ كما سبق وورد أعلاه، إنشاء مساحاتٍ واضحة لمعالجة المسائل الأمنية كمنظمة خطوة أساسية في التخطيط الأمني الفعّال.

هرميات السلطة الموجودة: لا بد من وضع آليات لمثل هذا التواصل بين مختلف الهرميات ضمن المنظمة، بحيث يتمكن الأعضاء من مناقشة الأمور في جوّ خالٍ من علاقات وتفاعلات القوة بينهم.

التواصل تحت ضغط الإجهاد: تزداد أهمية أسلوب تواصلنا ضمن المجموعات بشكلٍ خاص في الحالات التي يرتفع فيها منسوب الإجهاد. عند التعرّض للتهديدات أو للإجهاد، قد لا نتواصل دائمًا بطريقة محترمة.

حالات التواصل بين ثقافات مختلفة: علينا أيضًا أن نأخذ بعين الاعتبار أن التواصل يعدّ بعدًا أساسياً من الثقافة والتنوّع الثقافي. علينا أن ننتبه إلى تواصلنا الكلامي وغير الكلامي في حالات التواصل بين ثقافات مختلفة.

وسائل التواصل الرسمية: تميل بعض المجموعات والمنظمات إلى اعتماد الطرق الرسمية عند التواصل وصنع القرارات خلال الاجتماعات. على الأرجح في هذه الحالة، يتم اعتماد القرارات المتخذة بشأن الأمن في حال تمت مناقشتها واتخاذ القرار بشأنها بشكلٍ جماعي ضمن إطار رسمي. ولكن قد يحدّ هذا النوع من التواصل من تبادل الجوانب العاطفية للأمن: في هذا الصدد، قد يكون النظر في طرق بديلة لتسهيل عملية إنشاء مساحة لهذا النوع من التبادل والمشاركة.

عند قيامنا بعملنا بشكلٍ عام ولا سيما حين نحاول إنشاء آلية تواصل سليمة وصريحة بشأن الأمن، قد تكون تقنيات التواصل غير العنيفة مفيدة إلى حدٍ مذهل. التواصل غير العنيف هو وسيلة تواصل تستند إلى الافتراض بأن الجميع يتحلى بطبيعته بروح الرحمة، وأننا لدينا جميعًا الحاجات الأساسية ذاتها وأن كل أعمالنا تشكّل إستراتيجية لتلبية إحدى تلك الحاجات. في حال تم اعتمادها، قد تكون وسيلة فعّالة ومفيدة في إنشاء آلية تواصل سليمة بين الثقافات، لا سيما في ما يخص إعطاء وتلقي الملاحظات بشأن الأمن، وعند مناقشة أثر الهجمات أو الحوادث أو التهديدات أو أي حدث مرتبط بالأمن علينا كأفراد ومجموعات.