استخدام التكنولوجيا المتطورة من قبل الدول للتجسس على المواطنين لم يعد أمراً جديداً أو سرياً، ولكن عندما تقع هذه التكنولوجيا في يد الحكومات العربية التي تستعملها سراً بهدف الحفاظ على السلطة، فهذا أمر لا يبشر بالخير.

في جديد هذا الموضوع، تم الكشف عن شركة إسرائيلية ساعدت العديد من الدول حول العالم، بما في ذلك الحكومات العربية في الشرق الأوسط والخليج العربي، للتجسس على المعارضين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين وموظفي السفارات والدبلوماسيين واختراق تحركاتهم.

وأوضح التقرير الصادر عن شركة مايكروسوفت Microsoft العالمية أن برنامج التجسس قد تم تثبيته من خلال مجموعات الويب المزيفة التي تظهر للعلن على أنها تعنى بالأمور الإنسانية، بما في ذلك صفحات منظمة العفو الدولية المزيفة وصفحات حملة Black Lives Matter على سبيل المثال.

تم نشر هذه المعلومات السرية في دراسة أجراها خبراء Citizen Lab في جامعة تورنتو، بالتعاون مع Microsoft، تهدف إلى كشف الأنشطة “الخبيثة” التي تقوم بها Candiru، وهي شركة إسرائيلية مقرها في تل أبيب ومتخصصة في بيع برامج التجسس “التي لا يمكن تعقبها”.

 

تقنية متقدمة للتجسس

بحسب التقرير، أتاحت هذه التقنية المتقدمة للتجسس إمكان اختراق حسابات مايكروسوفت ويندوز وتثبيت البرامج الضارة بسهولة، مما يسمح بمراقبة أنشطة أصحاب أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة المصابة.

ومن خلال البحث في شبكة الانترنت، حددت Citizen Lab أكثر من 750 موقعاً الكترونياً مرتبطاً ببرامج التجسس الخاصة بشركة Candiru. وأوضحت المجموعة: “وجدنا العديد من المجالات التي تنتحل صفة منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان، فضلاً عن شركات إعلامية وكيانات أخرى تحمل صفة المجتمع المدني”.

من جهته، قال الباحث المشارك في التقرير بيل ماركزاك، لصحيفة الغارديان، إن المواقع غالباً ما تبدو جديرة بالثقة، ولكن بمجرد اختراقها، سيتم تثبيت البرنامج الخبيث من دون علم المستخدم. هذا البرنامج قادر على العمل في خلفية الأجهزة ولا يمكن رصده، كما أنه يستطيع السيطرو بهدوء على أجهزة الكمبيوتر المتضررة.

ويضيف ماركزاك: “الرمز الخبيث يضمن الوصول المستمر إلى أجهزة الكمبيوتر أو الهاتف الذكي، مما يسمح للحكومات بسرقة كلمات المرور والوثائق والبيانات الخاصة، ويمنحهم القدرة على تشغيل الميكروفونات أو الكاميرات عن بُعد بهدف التجسس على الأشخاص”. مؤكداً أن الضحايا حول العالم “لم يكونوا على علم بأي شيء”.

 

الحكومات العربية تتجسس على مواطنيها

البرنامج قادر على إصابة أجهزة آيفون iPhone، وأندرويد Android، وماك Mac، وأجهزة الكمبيوتر الشخصية، والأجهزة اللوحية iPad، والحسابات السحابية. وتم استخدامه لاستهداف العديد من المنظمات والأفراد في الدول العربية والعالم، بما في ذلك التنصت على مجموعة معارضة سعودية واستهداف صحيفة إندونيسية يسارية وغيره.

تتحدث مايكروسوفت عن 100 ضحية على الأقل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل وإيران ولبنان واليمن وتركيا وأرمينيا وسنغافورة. ويؤكد Citizen Lab في تقريره أن حضور Candiru المتزايد واستخدام الشركة لتكنولوجيا المراقبة الخاصة بها للتنصت على المجتمع المدني العالمي، هو تذكير بأن صناعة برامج التجسس المرتزقة تخضع إلى العديد من الجهات الفاعلة والأجندات الخاصة، ويتم استخدامها في سوء المعاملة على نطاق واسع”.

تستخدم العديد من دول الشرق الأوسط برنامج Candiru، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، الذين دفعوا مليارات الدولارات الأميركية للحصول عليه.

تجدر الإشارة أيضاً إلى التسريبات التي طالت شركة Quadream في يونيو الماضي، وهي شركة إسرائيلية أخرى مقرها تل أبيب، قامت ببيع برنامج يسمى Reign إلى السلطات السعودية، ما سمح لها بسرقة البيانات من هواتف المواطنين المستهدفين واستخدام هذه الهواتف كأجهزة تتبع لمراقبتهم.