نظرتنا إلى عملنا ومفهومنا للأمن أيضًا ناتجان جزئيًا من معتقداتنا وقيمنا الشخصية. وتوجّه وتشكّل هويتنا ونظرتنا للعالم طريقة عملنا كنشطاء، وتحددان كيفية قيامنا بعملنا. تعتبر المعتقدات والقيم الشخصية مخزونًا قيّمًا، يساعدنا على المحافظة على تركيزنا وسلامتنا وبناء قدرتنا على الصمود، إن كانت هذه القيم دينية أم روحية أم إلحادية مرتبطة بالعائلة أو المجتمع.

معتقداتنا في أغلب الأحيان معتقدات شخصية إلى حدٍ كبير، وقد لا نجرؤ على البوح بها أثناء تواجدنا ضمن مجموعة أو أمام زملائنا. حتى في الحالات التي تكون فيها هذه المعتقدات بالذات هي الدافع الجماعي لمهمتنا. ولكن، لا بد من إنشاء مساحة آمنة مشتركة يمكن للجميع فيها أن يكون صريحًا بشأن هذه الأمور. يمكننا أن نحقق الكثير في بيئة تحترم فيها معتقداتنا الشخصية. وبدورنا نحترم مصادر إلهام وصمود الآخرين، إذا كانت مختلفة عن تلك الخاصة بنا.

من شأن الانفتاح الجماعي بشأن معتقداتنا أن ينشئ ثقافة احترام وتفاهم بين الزملاء، ويوطّد علاقات العمل في ما بينهم ويخفف من الخلاف والتوتر وانعدام الثقة. قد يسهل عليك الافتراض، أنك أنت وفريق عملك أو زملاءك تعملون لتحقيق هدف مشترك، فهذا يعني أنكم تشاركون المعتقدات ذاتها. قد لا يكون ذلك صحيحًا بالضرورة، ويمكننا أن نفهم بعضنا البعض بشكلٍ أفضل إذا ما عرفنا وفهمنا معتقدات الآخرين الشخصية.

من أجل إنشاء بيئة عمل سليمة، لا بد أن تكون المساحة التي نعمل فيها منفتحة ومحترمة. يشعر فيها كل شخص بالقدرة على التعبير عن القيم التي تلهمه. بحيث لا يؤدي هذا التعبير إلى إطلاق الأحكام أو التشاجر أو التشبث العقائدي. بل ينشئ بيئة يحكمها الاحترام المتبادل والتعلّم والتعاضد. وحين يتعلق الأمر باعتماد مقاربة شاملة لمسألة الأمن، علينا أن ننشئ مساحة واضحة لهذا النوع من المشاركة، من أجل الاعتراف بالقيم المتنوعة، التي تلهمنا وتساعدنا على بناء قدرتنا على الصمود والاستمرار في العمل عند التعرّض للخطر.

الإيمان والممارسات الثقافية كأساس للتواصل أو التفرقة

قد يساهم كل من الإيمان والممارسات الثقافية في توحيد وبناء جسور التواصل بين أعضاء الفريق، بالمقدار ذاته الذي قد يؤدي فيه هذان العنصران إلى بثّ التفرقة والخلاف بينهم. وفي حال تم وضع عوائق في وجه ممارسات خاصة بأقلية معينة، على سبيل المثال، من خلال تحديد مواعيد للاجتماعات خلال أوقات الصلاة، أو عبر إنشاء بيئة تقسّم الفريق إلى مجموعات مختلفة، عندها تصبح عامل تفرقة. وهذا يؤثر بشكلٍ سلبي على المهمشين وعلى المجموعة ككل على حدٍ سواء.

وإذا أخذنا المجتمع ككل بعين الاعتبار، قد يشكّل الإيمان والممارسات الثقافية عوامل صلة وصل (لربما مفيدة على الصعيد الإستراتيجي) بينكم وبين المجتمع الذي تسعون لتغييره. ولكن، قد يصبحان عوامل تفرقة، تفصلكم عن “الآخرين” وقد تُستخدم لاستهدافكم أو وصمكم.