بات من المعلوم أن عدداً كبيراً من الدول حول العالم قامت بشراء برنامج التجسس والمراقبة بيغاسوس Pegasus من شركةNSO Group الإسرائيلية. ويبدو أن عملاء شركة المراقبة الإلكترونية هذه قد اختاروا ما لا يقل عن 200 صحافي من جميع أنحاء العالم كأهداف لهم، بحسب ما أفاد تقرير جديد في منظمة Forbidden Stories.

التقرير يندرج ضمن مشروع Pegasus، وهو تحقيق يقوم به اتحاد عالمي يضم أكثر من 80 صحفياً من 17 مؤسسة إعلامية في 10 دول، بالتنسيق مع Forbidden Stories وبدعم فني من مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية Amnesty International’s Security Lab.

 

من يستخدم برنامج بيغاسوس ؟

بفضل العمل المشترك الجبار، تمكن الباحثون من الوصول إلى تسريب يضم أكثر من 50000 سجل لأرقام الهواتف التي اختارها عملاء شركة NSO Group لمراقبتهم. وبعد تحليل هذه السجلات، وجد المحققون أنه تم اختيار هواتف 180 صحفياً على الأقل عاملين في 20 دولة من قبل 10 عملاء لدى NSO.

معظم هؤلاء العملاء هم “حكومات استبدادية” وفق التحقيق، مثل البحرين والمغرب والمملكة العربية السعودية. وينضم إليهم عدد من الحكومات الديمقراطية مثل الهند والمكسيك. بالإضافة إلى دول أخرى حول العالم مثل المجر وأذربيجان في أوروبا، وتوغو ورواندا في إفريقيا.

وبشكل مفاجئ، يُظهر مشروع بيغاسوس أن هذه الدول لم تخش اختيار الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين ورجال الأعمال وحتى رؤساء الدول كأهداف يمكن التجسس عليها ومراقبتها.

في المقابل، ولاعتبارات تعاقدية وأمنية، كتبت مجموعة NSO رسالة إلى Forbidden Stories وشركائها الإعلاميين تفيد بأنها “لا تستطيع تأكيد أو نفي هوية العملاء الحكوميين”. بدورها، تواصلتForbidden Stories  وشركاؤها الإعلاميون مع كل من العملاء الحكوميين المذكورين في هذا المشروع، وجميعهم إما فشلوا في الرد على الأسئلة بحلول الموعد النهائي أو نفوا كونهم عملاء لمجموعة NSO.

من المستحيل معرفة ما إذا كان رقم الهاتف الذي يظهر في القائمة قد تم اختراقه بنجاح من دون تحليل الجهاز. ومع ذلك، فإن مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية كان قادراً على إجراء التحليلات الأمنية المناسبة على هواتف العديد من هؤلاء الصحفيين – 67 هاتفاً في المجموع – مما كشف عن وجود هجمات ناجحة استغلت عدداً من الثغرات الأمنية في أجهزة آيفون iPhone.

بيغاسوس السلاح العالمي الجديد لإسكات الصحفيين والناشطين

الصحفيون يتعرضون للاعتقال والتشهير…

للمرة الأولى، تكشف أرقام الهواتف المسربة، التي تم تحليلها على مدى أشهر، عن الحجم الهائل لنطاق استخدام برامج التجسس لمراقبة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم، على الرغم من الادعاءات المتكررة لمجموعة NSO بأن أدواتها تُستخدم حصرياً لاستهداف المجرمين الخطرين والإرهابيين.

وتعليقاً على الموضوع، قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامارد: “تُظهر الأرقام بوضوح انتشار الانتهاكات، مما يعرض حياة الصحفيين وأفراد عائلاتهم وشركائهم للخطر، ويقوض حرية الصحافة ويغلق وسائل الإعلام الناقدة. يتعلق الأمر بالتحكم في الرأي العام ومقاومة التدقيق وقمع أي صوت معارض”.

أشار التقرير أيضاً إلى أن الصحفيين الذين يظهرون في هذه السجلات قد تلقوا تهديدات قانونية، فيما تعرض آخرون للاعتقال والتشهير، واضطر بعضهم إلى الفرار من بلدانهم بسبب الاضطهاد. كل ذلك ليجدوا لاحقاً أنهم ما زالوا تحت المراقبة. في حالات نادرة، قُتل صحفيون بعد أن تم اختيارهم كأهداف.

كل ذلك يوضح أن التكنولوجيا المتطورة التي توفرها مجموعة NSO وقعت في أيدي الجهات الحكومية القمعية ووكالات الاستخبارات التي تعمل لصالحها، وباتت أداة رئيسية تساهم في تحقيق مآرب الدولة ومتطلباتها.

 

كيف ردت مجموعة NSO على التقرير؟

في رد مكتوب على تحقيق Forbidden Stories وشركائها الإعلاميين، اعتبرت مجموعة NSO أن “تقارير الكونسورتيوم يستند إلى افتراضات خاطئة ونظريات غير مؤكدة”، معتبرة أنها كانت “في مهمة لإنقاذ الحياة”.

واستنكرت الشركة “بشدة المزاعم الكاذبة الواردة في التقرير والذي يُعتبر العديد منها نظريات غير مؤكدة. وهي تثير شكوكاً جدية بشأن موثوقية مصادر التحقيق، فضلاً عن أساسات القصة بأكملها”. وكتبت: “لقد زودتكم مصادركم بمعلومات ليس لها أساس واقعي، ويتضح ذلك من عدم وجود وثائق داعمة للعديد من الادعاءات.”

وأضافت مجموعة NSO أن “العدد المزعوم للبيانات المسربة لأكثر من 50000 رقم هاتف لا يمكن أن يكون قائمة بالأرقام التي استهدفتها الحكومات التي تستخدم Pegasus، بناءً على هذا الرقم المبالغ فيه”.