الأداة الأخيرة والأكثر تفصيلاً المستخدمة لتشخيصوضعنا الأمني هي عملية تحليل التهديدات. كما ذكرنا آنفًا، ما نعنيه بالتهديدات في هذه الحالة هو أي حدث أو حادثة محتملة قد تؤدي إلى إلحاق الأذى بنا أو بعملنا.

من شأن تطبيق كل التمارين السابقة أن يعطينا فكرة أوضح عن ماهية التهديدات التي قد نواجهها. في هذا القسم، سنستعرض أمثلة واضحة عن التهديدات، وترتيبها ضمن سلّم الأولويات بحسب احتمال حدوثها وأثرها الممكن، وتحليل أسبابها ونتائجها المحتملة بالتفصيل. وسيساعدنا ذلك في تحديد التكتيكات المناسبة لمنعها أو التعامل معها في حال حدوثها. وبالتالي تصبح خططنا الأمنية مكوّنة من تكتيكات الوقاية والتعامل نستخدمها للتخفيف من احتمال حدوث التهديد، وتحوّله إلى واقع. وللتخفيف من أثره في حال حدوثه.

كما هو الحال بالنسبة للخطوات السابقة، هذا أمر نقوم به غالبًا في حياتنا اليومية، من دون التعبير عنه صراحة بالضرورة. الفرق الوحيد هو أن هذه العملية مصممة بحيث يتم التعامل مع التهديد بشكلٍ منظّم ومفصّل، من أجل تشجيع التفكير في ممارساتنا بشكلٍ نقدي.

لا تنسوا أن هذه العملية قد تكون عملية عاطفية، ولكن لا شك أن اتخاذ الخطوات اللازمة لتحديد التهديدات التي تواجهنا ومكافحتها سيؤدي إلى تمكين وتدعيم عملنا. قد تكون التهديدات أيضًا دليل على فعالية عملنا؛ فعّال لدرجة أن خصومنا يريدون إعاقة سيره.

لنبدأ بتحديد التهديدات التي نعرفهاونتفحّصها.

لا تنسوا – أن التهديدات المحدقة برفاهنا وأمننا ليست كلها نتيجة دوافع سياسية أو مرتبطة بعملنا. تنتج التهديدات أيضًا من الجرائم الصغيرة، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والأخطار البيئية على سبيل الذكر لا الحصر. أحيانًا، هذه هي التهديدات التي تشكّل الخطر الأكبر على المدافعين عن حقوق الإنسان.

إدراكنا للتهديدات

قدرتنا على إدراك التهديدات ليست مثالية ولكن يمكننا تحسينها. في حال قمتم بتمرين العصف الذهني ضمن مجموعة من المحتمل أن يقوم الآخرون بذكر تهديدات لم تفكروا فيها من قبل أو العكس. في التمرين التالي سنطرح بعض الأسئلة التي قد تساعدكم في التفكير بشكلٍ نقديّ بإدراككم للتهديدات وفي وضع تكتيكات تجعل قدرتكم على إدراك التهديدات أكثر دقّة.

تحليل المخاطر وتحديد سلّم أولويات التهديدات

كما أوردنا أعلاه، يمكن التفكير في التهديدات وتصنيفها وفقًا لما يلي:

·      احتمال حدوث التهديد

·      أثره في حال حدوثه أو حين يحدث.

مفهوم الاحتمال والأثر في تحديد الخطر: كلما زاد احتمال حدوث تهديد ما، أو كلما ارتفعت حدّة أو رقعة أثره، كلما كان الخطر أكبر. وفي حال كان احتمال حدوث تهديدٍ ما منخفض أو في حال كان أثره محدود وطفيف، يكون منسوب الخطر منخفض.

تصنيف التهديدات بهذه الطريقة يساعدنا في عدم الشعور بالإرهاق، ويبقي على إدراكنا للتهديدات واقعيًا. من المفيد أيضًا، مشاركة ما نكتشفه مع الآخرين للتحقق مما ندركه.

بعد أن فكّرنا في التهديدات التي حددناها استنادًا إلى احتمال حدوثها وأثره، يمكننا تحليلها بعمقٍ أكبر، وتحليل الشروط الواجب توفرها لحدوثها ونتائجها المحتملة، وهذا ما سيساعدنا في التخطيط لكيفية التعامل معها.

قوموا بتنزيل النسخة الكاملة للفصل للتعرّف على المزيد من التفاصيل حول كيفية تحديد احتمال، وأثر حدوث تهديد ما وكيفية تطبيق ذلك على التهديدات التي ذكرتموها.

التهديدات المعلنة

تلقي المدافعين عن حقوق الإنسان تهديدات معلنة من خصومهم أمرٌ شائع، مثلاً: رسالة من فرد أو مجموعة أو منظمة تعبّر صراحة عن نية التسبب بأذى. الهدف من هذه التهديدات هو ثنينا عن الاستمرار بعملنا (بشكلٍ مؤقت على الأقل)، أو معاقبتنا أو إيذاءنا وبالتالي ثني الآخرين أيضًا. تشكّل هذه الرسائل نوعًا خاصًا من المؤشرات الأمنية، لأنها تتسبب بأثر نفسي علينا وقد تشكّل تهديدًا حقيقيًا أيضًا.

التهديدات المعلنةمقصودة عادةً (أي أنها تطلق لهدف محدد)، وإستراتيجية (هي جزء من خطة لإعاقة سير عملنا)، وشخصية (أي تستهدفنا نحن وعملنا تحديدًا) وتعتمد على إثارة الخوف (أي أن القصد منها إخافتنا لثنينا عن عملنا).

وقد تطلق التهديدات المعلنة جهارةً أو ضمنيًا من قبل خصومنا في بيان صحافي علني. أو من خلال المضايقة القانونية أو تشريعات مقترحة. هي وسيلة فعّالة جدًا واقتصاديةلأنه قد يتحقق الغرض منها من دون الحاجة إلى تنفيذ التهديد فعليًا.

لا بد ألا ننسى أنه في حين أن بعض التهديدات لها تداعيات ملموسة، هدف التهديدات الأخرى هو إثارة شعور بالخوف لا أساس له من الصحة، إذ لا توجد أي خطة فعلية للتسبب بأذى. عند تحليل التهديدات المعلنة، من المفيد العودة إلى خارطة الجهات الفاعلة الخاصة بكم والتفكير في المصادر والمصالح الخاصة بالخصم المهدِد، لمعرفة ما إذا كان التهديد المطلق تهديد فعلي أم لا.

يمكنكم الاطلاع على خطوات ملموسة لتحليل التهديدات المعلنة في كتيّب مؤسسة فرونت لاين ديفندرزحول الأمن Front Line Defenders Handbook on Security في الملحق ب“.

من بعد تحليل التهديدات المحدقة بنا، والتفكير في المخاطر التي تتسبب بها (استنادًا إلى احتمال حدوثها وأثره)، الخطوة التالية هي وضع لائحة بالتهديدات الأكثر أهمية، ومن ثمّ تحليل طبيعة كل واحد منها بالتفصيل: أسبابها وتداعياتها ومصدرها بالإضافة إلى الموارد اللازمة والنشاطات الموجودة حاليًا والخطوات التي يمكن اتخاذها لاحقًا. سيؤسس هذا النشاط للأرضية التي يمكنكم بناء إستراتيجيتكم الخاصة عليها، بتقليص احتمال حدوث التهديد وتخفيف أثره في حال حدوثه.

لا تنسوا أن كل هذا يتغيّر مع مرور الوقت، وبالتالي لا بد من إعادة القيام بهذه العملية لاحقًا. عليكم أن تحددوا عدد المرات التي يتوجب عليكم فيها إعادة النظر بهذه اللوائح وتحديد مواعيد للقيام بذلك.

في حال أردتم تسجيل نتائج التمرين خطيًا، يمكنكم الاستعانة بالجدول المعروض أدناه:

التهديد

(اسم التهديد)

الملخص

(وصف مختصر/ملخص عن التهديد)

ماذا

الهدف

الخصم

كيف

أين

صف ماذا يحدث في حال حدوث التهديد (في حال كان ذلك لازمًا، قسّم التهديد إلى مكوناته المختلفة أدناه).

أذكر ما أو من هو المستهدف من التهديد

من الجهة التي تقف وراء التهديد؟

ما هي المعلومات الضرورية لتنفيذ التهديد؟

ما هي المساحات الواقعية التي قد  يظهر فيها التهديد؟

1)

2)

3)

الآثار النفسية والعاطفية والصحية

بعد الإنتهاء من إجراء هذا التحليل، الخطوة التالية هي التركيز على أنفسنا والتفكير في الطرق التي تحمينا من التهديدات عبر ممارستنا ومواردنا وقدراتنا الحالية، والتفكير في الثغرات الموجودة في ممارساتنا ومواردنا، بالإضافة إلى نقاط الضعف الأخرى التي تجعلنا عرضة للتهديدات. إقرأوا القسم التالي وضع الإستراتيجياتلمعرفة المزيد عن الموضوع.