مايو ١٠, ٢٠١٧

A A

ما هو الأمن الشامل؟

تعريفات ومفاهيم السلامة الرقمية

غالبًا ما يتم تعريف أمن المدافعين عن حقوق الإنسان ضمن إطار ضيق ومحدود، كالحماية من الهجمات العنيفة ومداهمات المكاتب والمضايقات القانونية، أو التهديدات من المجموعات المسلحة. ومع ذلك، نغفل عن طرق متنوعة ومتقنة قد تجعلنا إما معرضين للخطر وإما محميين منه، بالإضافة إلى التدابير المهمة التي يمكننا اتخاذها لحماية أنفسنا وعملنا. في هذا القسم، سنقوم باستكشاف مفاهيم الرفاه والإستراتيجيات الأمنية المتنوعة، وإدارة معلوماتنا الرقمية كعناصر أساسية لأي مقاربة شاملة“.


الرفاه: عمل تحريضي وسياسي


تعرّف المقاربة الشاملة أمن المدافعين عن حقوق الإنسان كـ رفاه عملي“: المحافظة على السلامة الجسدية والنفسية وحماية أنفسنا أثناء مواصلتنا أداء العمل الذي نؤمن به.
من أجل حماية أنفسنا من التهديدات التي تطال رفاهيتنا، الناتجة عن الإجهاد والتعب والصدمات والحزن (إلى جانب أمور أخرى)، لا بد لنا من التخطيط والتصميم للعمل على فكرة الرعاية الذاتية. لا يجب أن يفهم مصطلح الرعاية الذاتية على أنه عمل نابع من أنانية ما، بل على أنه عمل تحريضي وسياسي للمحافظة على الذات.
لا بد من الإشارة هنا إلى أن رفاهيتنا ضمن بيئة الناشطين، مرتبطة بعوامل ذاتية وشخصية عميقة. وتتأثر هذه الرفاهية بالحاجات الجسدية والنفسية المتنوعة التي نشعر بها، وبالتحديات التي نواجهها وبمعتقداتنا (إن كانت دينية، روحية أم علمانية)، وبهوياتنا الجندرية واهتماماتنا وعلاقاتنا. وبما أننا ندافع عن حقوق الإنسان، يتوجب علينا تحديد وتعريف مفهوم الأمن لأنفسنا، وتقديم التضامن والدعم لبعضنا البعض ضمن مجموعاتنا ومنظماتنا وحركاتنا على هذا الأساس. تعدّ هذه الخطوة خطوةً جوهرية وأساسية عند أدائنا لعمليات التحليل، ووضع الإستراتيجيات الرامية إلى الدفاع عن المساحة التي نعمل فيها، وتوسيعها من أجل تنفيذ نشاطات إيجابية تروج لحقوق الإنسان وتدافع عنها.

المحافظة على الحيّز الاجتماعي والسياسي


يمكننا اعتبار الهجمات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، على أنها محاولات يهدف من خلالها خصومنا – أي أولئك الذين لا يشاركوننا الأهداف ذاتها أو حتى يعملون ضدها – إلى إنهاء وجود الحيز الاجتماعي والسياسي الذي نعمل فيه. قد يكون هذا الحيز، حيزًا مكانيًا فعليًا أو حيزًا اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو تقنيًا أو قانونيًا أو بيئيًا، إلخ.
لذا، يصبح اعتماد مقاربة منظمة للأمن والحماية مسألة جوهرية للدفاع عن حيز عملنا، وتوسيعه عند الإمكان. ولتحقيق ذلك، يتوجب علينا تطبيق إستراتيجيات إما تشجّع الآخرين على تقبّل عملنا؛ وإما تشكّل رادعًا للهجمات المخطط لها ضددنا؛ وإما تمكننا من حماية أنفسنا. في هذا الدليل، سنقوم باستعراض الأدوات والتكتيكات التي قد تساعدنا على تطبيق هذه الإستراتيجيات.


التحكّم بمعلوماتكم الخاصة


تتطلب أي مقاربة منظمة وشاملة لمسألة الأمن، اعتماد مقاربة منظمة في مسألة إدارة المعلومات والبيانات. حماية بياناتكم الحساسة والملفات التي تتولون مسؤوليتها، وبريدكم الإلكتروني وتواصلكم على الهواتف المحمولة، باتت اليوم حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى. بسبب تزايد استخدام التقنيات الرقمية في أنشطة الدفاع عن حقوق الإنسان، تأقلم خصومنا والتهديدات التي يشكلونها مع هذه البيئة الجديدة أيضًا. علينا أن نسعى لتحديد البيانات الحساسة الخاصة بنا وحمايتها، ليس فقط كتدبير أمني، بل أيضًا كفعل تمكين ذاتي على الصعيد السياسي.
دعونا إذاً نعتبر أن هدف ممارسات الأمن الشاملة هو المحافظة على رفاهية وقوة المدافعين عن حقوق الإنسان، إلى جانب عائلاتهم ومجتمعاتهم، عبر استخدام أدوات وتكتيكات الحماية والرفاه على المستوى النفسي والاجتماعي والجسدي والرقمي بشكلٍ منتظم، بحيث توفر الدعم لبعضها البعض. وحين نصف الأمن الشامل بـ الرفاه العملي، فهذا يعني أننا نفكر في سلامتنا كمصدر قوة.

القدرة على الصمود والتأقلم مع المتغيّرات


علينا ألّا ننسى أن التهديدات والتحديات التي نواجهها كمدافعين عن حقوق الإنسان تتبدل وتتغيّر باستمرار. التعامل مع أحداث غير متوقعةمسألة عادية في عملنا. ولن تكون أي خطة أمنية ناجحة وفعالة في كل أزمة أو حالة تواجهنا. يجب أن نتوقع ما هو غير متوقع وأن نكون متيقظينوملتزمين بتطوير وتحسين قدرتنا على التأقلم.
علينا أن نتقبل أننا عاجزون عن حماية أنفسنا بشكلٍ تام في كل حالة من الحالات. وأن نبني ونعزز قدرتنا الذاتية على الصمود والتأقلم. وما نعنيه بالصمود هو القدرة على التعافي بسرعة من الإصابات أو الإنتكاسات؛ والقدرة على التأقلم هي القدرة على اعتماد ممارسات أمنية جديدة بسرعة لصدّ وردع تهديدات جديدة أو مستجدة. الهدف هو بالتالي، عدم التوقف عن تنفيذ أنشطتنا من أجل المحافظة على أمننا، بل العمل على تخفيف وتقليص التهديدات التي تواجهنا من أجل حماية أنفسنا ومجتمعنا المحلي أثناء قيامنا بواجبنا.
مفهوم الصمود والتأقلم ليس بمفهوم جديد لدى السواد الأعظم من المدافعين عن حقوق الإنسان. وحتى فكرة الاستعانة بأدوات وتكتيكات ليست بالفكرة الجديدة بالنسبة لهم أثناء أداء عمل خطر. لذا قبل أن نبدأ بتطوير مقاربات جديدة لمسألة أمننا، لا بد لنا من الاطلاع على بعض الممارسات المتوفرة حاليًا لدينا من خلال القيام بالتمرين التالي.


آخر الأخبار